تُعد الصحة النفسية من القضايا الحساسة التي تتزايد أهميتها في المجتمعات الحديثة، ولا تُعد الكويت استثناءً، إذ أظهرت الدراسات أن الاضطرابات النفسية باتت ظاهرة متنامية تصيب مختلف الفئات العمرية وتؤثر على المشاعر والأفكار والسلوك للفرد، ونهدف في هذه المقالة إلى تسليط الضوء على الأمراض النفسية الأكثر شيوعاً في الكويت وزيادة الوعي بها والعمل على الحد منها.
أهم الأمراض النفسية الأكثر انتشاراً في الكويت
تخطو مدينة الكويت بثبات نحو تحسين فهمها للأمراض النفسية مدفوعة بزيادة الوعي المجتمعي بأهمية الصحة النفسية وأثرها على جودة الحياة، مع ازدياد تقبّل المجتمع لحالات الاضطرابات النفسية تزداد الجهود لإجراء الأبحاث والدراسات الميدانية التي تسلط الضوء على أكثر المشكلات النفسية انتشاراً في الكويت وكيفية تأثيرها على حياة الفرد.
1- الاكتئاب
الاكتئاب يُعد من أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً في الكويت، ويتجلّى بأعراض متنوعة تشمل الحزن المستمر، الشعور باليأس، والتعب المزمن الذي يؤثر على جودة حياة المصاب، كما ويصاحب الاكتئاب اضطرابات في النوم والشهية وصعوبة في التركيز، مما ينعكس سلباً على الأداء الوظيفي والعلاقات الاجتماعية.
وفقًا لتقرير من منظمة الصحة العالمية لعام 2021، يُقدر أن الاكتئاب يؤثر على حوالي 7-10% من سكان الكويت، وهو ما يعكس تأثير التغيرات الاجتماعية السريعة وضغوط الحياة اليومية.
يُعتبر الاستعداد الوراثي والصدمات النفسية وضغوط العمل من أبرز العوامل التي تسهم في ظهوره إلى جانب بعض العوامل البيولوجية المرتبطة بالناقلات العصبية في الدماغ.
2- اضطرابات القلق
وتتصدر اضطرابات القلق قائمة أكثر الأمراض النفسية انتشاراً في الكويت بعد الاكتئاب، وتشمل اضطراب القلق العام واضطراب القلق الاجتماعي اضطراب الهلع والرهاب، ووفقًا لتقارير وزارة الصحة الكويتية لعام 2023، تُقدَّر نسبة انتشار اضطرابات القلق بحوالي 15% بين السكان، مما يجعلها من القضايا الصحية الملحة.
كما تشير الدراسات إلى أن اضطرابات القلق تؤثر على مختلف الأعمار في الكويت، مع ارتفاع طفيف في نسبة الإصابة بين الإناث بسبب العوامل البيولوجية والاجتماعية.
وتأتي أعراض القلق على شكل شعور دائم بالقلق والتوتر، تسارع ضربات القلب وصعوبة في التنفس، نوبات مفاجئة من الخوف أو الهلع، صعوبة في التركيز واضطرابات في النوم.
أما الأسباب غالباً ما تكون نتيجة ضغوط نفسية مرتبطة بالعمل والدراسة، أوانعدام الأمان الاقتصادي والاجتماعي، أوالتعرض لصدمات أو تجارب مؤلمة.
3- اضطرابات النوم
في دراسة أجرتها جامعة الكويت عام 2020 تبين أن ما يقارب ربع سكان الكويت يعانون من الأرق المزمن أو شكل من أشكال اضطرابات النوم، وتترك هذه الاضطرابات تأثيرات سلبية على العديد من مفاصل الحياة الشخصية والصحية والعملية:
- تقليل الإنتاجية وتدهور الأداء في العمل أو الدراسة.
- ضعف التركيز والذاكرة قصيرة وطويلة الأمد.
- زيادة خطر التعرض لأمراض مزمنة مثل داء السكري، أمراض القلب، وارتفاع ضغط الدم.
4- اضطرابات الأكل
تعد اضطرابات الأكل مثل الشره العصبي وفقدان الشهية من الاضطرابات الأقل شيوعاً، إلا أنها بدأت تظهر بين فئة الشباب، خصوصاً مع تأثير وسائل التواصل الاجتماعي والتأثر بمعايير الجمال السائدة لهذا العصر.
وبناءاً على تقرير صادر عن الجمعية الكويتية للتغذية عام 2021 يقدر أن حوالي 5% من المراهقين يعانون من اضطرابات الأكل.
ومن أكثر العوامل المسببة لاضطرابات الأكل في الكويت:
- الضغط المجتمعي لتحقيق “الجسد المثالي”.
- التأثير السلبي للإعلانات ووسائل التواصل الاجتماعي.
- عوامل نفسية كامنة.
5- الإدمان
يُعَدُّ الإدمان في الكويت قضيةً مقلقة، خاصة الإدمان على الكحول والمخدرات، حيث تشير الإحصاءات إلى وجود نحو 40 ألف مدمن على المخدرات في البلاد.
وهناك العديد من العوامل التي تسهم في زيادة انتشار الإدمان مثل الضغوط الاجتماعية والنفسية وتأثير رفقاء السوء وسهولة الوصول إلى المواد المخدرة، ومع ذلك يواجه العديد من المدمنين وصمة عار مجتمعية تحول دون طلبهم للعلاج، مما يؤدي إلى تفاقم المشكلة.
وفي الكويت يُعَدُّ تعاطي المخدرات جريمة يُعاقَب عليها القانون إلا أنه يُتيح للمدمنين فرصة العلاج دون مواجهة عقوبات قانونية، بشرط أن يبادروا طوعاً بطلب العلاج قبل ضبطهم من قِبَل السلطات، هذا النهج يهدف إلى تشجيع الأفراد على السعي للتعافي دون الخوف من الملاحقة القانونية، مما يُسهم في تقليل انتشار الإدمان وتعزيز الصحة العامة في المجتمع.
العوامل المؤثرة على الصحة النفسية في الكويت
الصحة النفسية في الكويت هي نتاج تفاعل معقد بين مجموعة من العوامل، تتفاوت في تأثيرها حسب الظروف الاجتماعية والثقافية للفرد، ومن أبرز هذه العوامل:
- العوامل الاجتماعية: تأثير العلاقات الأسرية وخاصةً في حالة وجود تفكك أسري أو اضطرابات عائلية، وأيضاً ضغوط العمل والمطالب المهنية المتزايدة التي تؤدي إلى إجهاد نفسي دائم.
- العوامل الاقتصادية: يؤدي ارتفاع تكاليف المعيشة الى زيادة القلق والتوتر، وأيضاً التفاوت الاقتصادي الذي قد يؤدي إلى شعور بالعجز أو الإحباط.
- العوامل الثقافية: الانفتاح السريع على أنماط حياة جديدة والتغيرات المجتمعية المفاجئة، كما تؤثر وسائل التواصل الاجتماعي من خلال تعزيز معايير غير واقعية للجمال والنجاح.
- العوامل البيئية: المناخ القاسي في الكويت وتأثيره على نمط الحياة، وأيضاً نقص المساحات الترفيهية والطبيعية المفتوحة التي تعزز النشاط البدني والصحة النفسية.
- العوامل النفسية: ضعف مهارات التكيف مع الأزمات والمواقف الصعبة، وتراكم التجارب الصادمة دون تلقي الدعم النفسي المناسب.
الخلاصة:
تناولت هذه المقالة الأضطرابات النفسية الأكثر انتشاراً في الكويت، والقت الضوء على الأمراض النفسية التي تصدرت قائمة الأمراض الأكثر شيوعاً في الكويت، مع لمحة عن أسبابها والعوامل المؤثرة في ظهورها، من الضروري زيادة الوعي حول الصحة النفسية وتشجيع المجتمع على الإقبال لطلب المساعدة من دكتور نفسي في الكويت لتحسن جودة الحياة وتحقيق التوازن النفسي.
المصادر والمراجع:
- Al-Otaibi B, Al-Weqayyan A, Taher H, Sarkhou E, Gloom A, Aseeri F, Al-Mousa E, Al-Zoubi H, Habeeba S. Depressive symptoms among Kuwaiti population attending primary healthcare setting: prevalence and influence of sociodemographic factors. Med Princ Pract. 2007;16(5):384-8. doi: 10.1159/000104813. PMID: 17709928.
- منظمة الصحة العالمية، ملف الكويت، https://www.who.int/publications/m/item/mental-health-atlas-kwt-2020-country-profile
- وزارة الصحة في الكويت، https://www.moh.gov.kw/
- Binali, M., Shoukry, T., & Yousef, M. (2024). Insomnia Insights: A Retrospective Study of Sleep Patterns at Kuwait Centre for Mental Health over 16 years. Neuropsychiatry, 13(2), 11.